شهر رمضان
شهر البر والإحسان .. شهر أوله رحمة .. وأوسطه مغفرة .. وآخره عتق من النيران .
كيف نؤهل النفس لرمضان؟
أولآ التوبة:
أول واجب لإستعداد رمضان.. العمل على صلاح القلب..يجب أن نطهر قلوبنا حتى تصبح سليمة أو قريبة للسلامة (سددوا وقاربوا)رواه البخاري ومسلم
فنجاهد أنفسنا على الصلاح وسلامة القلب من الشرك والشبهات والشهوات...سليمه من كل مانهانا الله ورسوله ..متحليه بكل الفضائل
كيف ندخل رمضان ونتحلى بالطاعات وقلوبنا لم نخليها بعد من الذنوب والمعاصي؟!
فالتخلية قبل التحلية...لايبدوا المكان جميلا وهو متسخ حتى وان زين بالورود...وسيكون جميلا بنظافته أولا...وسيزداد جمالا بعد ذلك بالورود
ألم تسمعي قول الله تعالى ( يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ، إلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) الشعراء
وقال صلى الله عليه وسلم : « ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله؛ وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب » رواه البخاري ومسلم
فالقلب السليم قريب من غيره بالمغفرة والرحمة وببركات هذا الشهر الكريم
الكل يصوم..والكل يقرأ القرآن..والكل يدعوا الله..والكل يتصدق..والكل يعتمر.. ولكن لايجد لذة هذه العبادة الا أصحاب القلوب السليمة..بسبب إخلاصهم ونقاء قلوبهم... قلوب سليمة..لاشرك فيها ولا ذنوب ولاحقد ولاحسد ولاعداوة ولا آفة..وان وقعوا في المعاصي تجديهم مسارعون في التوبة...
فأولى الناس بالرحمة أصحاب القلوب السليمة..وأولى الناس بالمغفرة أصحاب القلوب السليمة..وأولى الناس بالعتق من النار أصحاب القلوب السليمة..
فالله أرحم من أن يدخل عبدآ سليم القلب النار...
فالتوبة التوبة من إغتراف المعاصي وهذه الكل يفهمها...لكن هل تنبهتي أختي الكريمة إلى التوبة من نمط الحياة التي تعيشيها...من الآمال والتفكير في وقت الفراغ..من أحلام اليقظة التي تستمتعي بها..توبي إلى الله وإستعيني بالأعمال الصالحة على الخروج من هذه الأوهام القاتله...توبة من التسويف والأماني
قال الحسن البصري (ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ماوقر في القلب وصدقة العمل وان قوما غرتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم قالوا-نحسن الظن بالله-وكذبوا لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل)
توبة من ضياع الوقت في مقاطع الجوال والرنات والرسائل والالعاب..وتصفح الانترنت..والروحه..والجيه..
التوبة من ضياع الوقت فيما لايرضي الله... من كثرة النوم والاختلاط بالناس فالعبد مسؤول عن عمره فيما أفناه...
إجعلي نومك عبادة بالإحتساب فيه...إجعلي صداقاتك قائمة على الحب في الله حتى تكون عبادة تؤجرين عليها...لا أن تنشئين صداقات لإجل التسلي بوقتك...
وأكبر الإثم ان كانت صداقات محرمة بين رجل وإمراة...
توبة من الكسل ..فلنسارع الأن في التوبة...دعي الكسل والتسويف وتوبي الآن..الآن..
هذه التوبة من أول مايستعد لرمضان...
هذه التوبة ليست فقط لإستعداد رمضان ..فقد لاندركه...وإنما هي لازمة للإستعداد للموت فقد نموت في هذه اللحظة... قال سبحانه وتعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} النور
فكثيرين الذين لم يلقوا رمضان هذا العام فقد أدركهم الموت..فان أدركتي رمضان فاحمدي الله على هذه النعمة التي تستحق الشكر بالقول والعمل الصالح في أيامه ولياليه..
فالكثير كذلك من أدركوه وهم في المرض أوالحرب...فاحمدي الله على نعمة الصحة والأمن..ولاتضيعيها..فأنت مسؤلها عنها.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(نعمتان مغبون فيها كثير من الناس الصحة والفراغ)رواه البخاري
إعقدي نية خالصة على إستقلاله بالطاعات من بداية الشهر فلربما أتاك الموت في أثناءه أو في أول أيامه فتلقي ربك وقد لقيتي أجرة كاملا فالاعمال بصلاح النيات.. قال نبينا عليه الصلاة والسلام:(إنما الاعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ مانوى)رواه البخاري
ثانيا إستغلال شهرشعبان:
عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ:قُلْت:يَا رَسُول اللَّه،لَمْ أَرَك تَصُومُ مِنْ شَهْر مِنْ الشُّهُور مَا تَصُوم مِنْ شَعْبَان،قَالَ:" ذلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاس عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَان،وَهُوَ شَهْر تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَال إِلَى رَبّ الْعَالَمِينَ،فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ" حسنه الألباني
قال إبن رجب رحمه الله (صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم،وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده،وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض،وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده،فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه). تأملي (ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان)
فلأن شعبان بين رجب شهر حرام وبين رمضان شهر الصيام فاشتغل الناس بينهما فأصبح شهر مغفولا عنه
مع أن شهر رجب المحرم لم يشرع فيه نافلة الصيام مثلما شرع في شعبان
فشهر شعبان مغفول عنه في الطاعات لإستعداد رمضان وليس مغفولا عنه في إعداد مستلزمات طبخات رمضان؟! إجعلي شعبان دورة تأهيلية لإستقبال هذه المناسبة العظيمة..الا تري اللاعب قبل أن ينزل الملعب يقوم بالتسخين.. لابد أن نروض أنفسنا على الطاعات في رمضان من شعبان..لا أن نقول سنفعل ونفعل..كلام..وعند حلول رمضان أيام ويقل الحماس..
هذا الشهر العظيم -شعبان-الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من صيامه يجب الأ نغفل عنه ونقتدي بنبينا عليه الصلاة والسلام ونجعل هذا الشهر دورة تأهيلية للصيام حتى تعتاده النفس ولايشق عليها الصيام في أول رمضان
لنراجع فيه حفظنا من القرآن..أو نتحفظ شئ من القرآن.. حتى نقوم به في التراويح والقيام ... لتحاولي ان تختمي القرآن في شعبان...حتى تختميه اكثر من مرة في رمضان..
من المهم التفقة قبل شهر رمضان في أحكام الصيام وأدابه حتى نهئ نفسنا لهذا الشهرالعظيم وحتى نعبدالله على بصيرة وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من يرد الله فيه خير يفقه في الدين ) رواه البخاري ومسلم
إعقدي عزم صادق في إغتنامه فمن صدق الله أعانه ويسر له السبل قال تعالى (فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )
من الأفضل كذلك شراء حاجيات العيد في شعبان حتى تنشغلي بالعبادة في هذا الشهر الكريم ولاتضطري للخروج الى السوق..
ثالثا وقفة مع هذا الحديث:
عن أبى هريرة رضي الله عنه:عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كان أَوَّلُ ليلة من شهر رمضان صُفِّدَتِ الشياطينُ وَمَرَدَةُ الجنِّ وَغُلِّقَتْ أبوابُ النارِ فلم يُفْتَحْ منها بابٌ وَفُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ فلم يُغْلَقْ منها بابٌ وَيُنَادِى مُنَاد ٍكلَّ ليلةٍ يا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ويا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وللهِ عُتَقَاءُ من النارِ وذلك كلَّ ليلةٍ" حسنه الألباني في صحيح الجامع.
هذاإستعداد السماء لرمضان...فكيف إستعدادك أنت لرمضان؟؟
أنظري الى الله سبحانه وتعالى كيف يدعونا للنجاة ونحن نتوانا ونتساهل!!!إنظري الى الله عزوجل كيف يطلبنا ونحن نهرب منه!!!
صفد الشياطين حتى نقبل عليه...وغلق أبواب النار حتى لايعذبنا فيها...وفتح أبواب الجنة ليدخلنا فيها...
هذه معاملة الله لنا فكيف سنعامله نحن؟؟!!
وبعد أن هيئ لنا النجاة (وَيُنَادِى مُنَاد ٍكلَّ ليلةٍ يا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ويا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ )
فيا أمة الله رمضان فرصة عظيمة فأجعليه عونا لك في الوصول الى أعلى الجنان...ولاتضيعي ساعاته في توافه الأمور من نوم أول النهار..ثم إعداد الفطور..وهكذا يكون نهار رمضان..
ناهيك عن المحرمات من غيبة ونميمة والنظر فيما لايرضي الرحمن أمام شاشات التلفاز..في ليله...فأياك السماع لدعاة الهوى الذين ليس لهم هم سوى الكسب المادي..حيث ينتقون أجمل مايمكن عرضه على الفضائيات حتى ننشغل عن الطاعات بهذه المحرمات...قد تقولين .. ماأشاهدإلا مسابقات ثقافية..وأمور مباحه... فأقول لك هذا تضيع للوقت فيماهو أهم من ذلك...لاتسمعي لدعاة الهوى فهل سيفيدك ذلك في شئ؟؟...هذا إن لم يوقعك في الذنب..
وأسمعي لنداء ربك (يا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ويا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ )هذا شهر التزود من الطاعات ..الذي يبغى الخير ..وأي خير؟؟ خير المغفرة والرحمة والعتق من النار ومضاعفة الحسنات..يقبل على الله..
نعم نامي حتى تعطي بدنك حقه لكن لاتضيعي اليوم كله في النوم...
وأطبخي الفطور .. وإحتسبي الأجر في ذلك وإلزمي الذكر والإستغفار وسماع إذاعة القرآن..حتى تنالي الأجر في هذا...ولكن لاتكثري من إعداد الأكل فرمضان شهر الصوم...فالصوم يفيد في التدبر والقيام..فمن أكل كثيرا تعب بسرعة فلايستطيع القيام طويلا ولأ قرآة القرآن بتدبر ..هذا إن لم ينام...
قال إبن القيم رحمه الله : (إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدارالآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها )
فكيف بجرم إضاعة الوقت في أنفس الأزمان ؟! فلاتفرطي في الأعمال الصالحة قال الله تعالى : ( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) المطففين
اللهم تب علينا وأغفرلنا وبلغنا رمضان وأعناعلى ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.